تجربة انهيار الإدارة الأرمينية الانفصالية في إقليم قره باغ الأذربيجاني، تُساعد في فهم الديناميكيات المتحولة في تجربة "الإدارة الذاتية" الكردية في شمال سوريا وآثارها عليها بالنظر إلى وجود وجهي شبه رئيسيين بين الحالتين.
قد تميل واشنطن إلى انتظار انتهاء فترة حكم أردوغان قبل محاولة التصالح مع أنقرة، لكن الرجل القوي لا يزال أمامه أربع سنوات أخرى على الأقل في السلطة. وفي هذه الأثناء، تقع تركيا وسط العديد من بؤر التوتر العالمية بحيث لا تستطيع واشنطن تأخير إجراء حوار جديد.
الحرج الذي واجهته إيران لاستعانتها بمنافس إقليمي للعثور على رئيسها والذي ضاعفه استعراض تركيا لكفاءة مُسيّراتها، دفع طهران للتقليل من شأن المساعدة التركية. والسجال الثنائي يظهر كيف أن المنافسة تظل حاضرة حتى في دبلوماسية التضامن
يزن أردوغان في اندفاعته ضد إسرائيل بين الفوائد المتصورة والتكاليف المحتملة، لكن التكاليف المرتفعة لم تعد جذابة بأي حال. ويمكن لسياسة توازن بدقة بين الاندفاعة والحفاظ على هامش للدبلوماسية أن تجعل دور تركيا في الصراع أكثر تأثيرا.
تظهر الديناميكيات الجديدة في السياسة الداخلية التركية على أنها مناورة تكتيكية لكل من أردوغان وزعيم حزب “الشعب الجمهوري” المعارض أوزغور أوزيل لتحقيق أهداف مُختلفة. ويُدركان أن هذه المناورة تتطلب تنازلات قد تكون مؤلمة لكليهما.
حتى في الوقت الذي تبدو فيه إسرائيل مُحبطة من دور قطر في الوساطة مع حماس، فإن آخر ما يُمكن أن يُفكر به نتنياهو هو مكافأة أردوغان على احتضانه لحماس وخطابه المعادي لإسرائيل بمنحه فرصة للعب دور الوسيط واستعراض مكانته الإقليمية.
حتى في الوقت الذي صعدت فيه تركيا من موقفها ضد إسرائيل بفرض قيود جزئية على النشاط التجاري معها، فإن أولويتها بتجنب انهيار كامل في العلاقات مع تل أبيب لا تزال تُشكل ركيزة أساسية في الموقف التركي من الصراع.
إن التصميم السياسي الجديد الذي سيتشكل بعد الانتخابات المحلية في تركيا نهاية هذا الشهر ومكانة المعارضة فيه سيكونان حاسمين في تحديد ما إذا كان أردوغان قادراً على تعزيز زعامته الوطنية والعمل من أجل إطالة أمد حكمه إلى ما بعد عام 2028.
قد تترك نتائج المنافسة على زعامة إسطنبول آثاراً كبيراً على السياسة التركية وعلى السياسة الحزبية داخل جبهة المعارضة. ومن المرجح أن تلعب هذه النتائج دوراً كبيراً في إعادة تصميم السياسة الداخلية بعد الحادي والثلاثين من مارس.