إعلان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عن شن عمليات عسكرية قريبا لتوسيع المناطق الآمنة المقامة بالفعل عبر الحدود الجنوبية لتركيا يزيد من احتدام الخلاف مع شركاء بلاده في حلف شمال الأطلسي بشأن رفضه انضمام فنلندا والسويد للحلف. ويقول محللون إن إعلان أردوغان المفاجئ يعكس اعتقاده بأن الغرب لن يعارض مثل تلك العمليات في وقت يحتاج فيه إلى دعم أنقرة لمساعي الدولتين الانضمام لحلف شمال الأطلسي. وتتهم تركيا كلا من السويد وفنلندا بإيواء أفراد لهم صلات بحزب العمال الكردستاني المحظور لديها. ويتعين لقبول انضمام دول جديدة في عضوية الحلف موافقة كل الدول الأعضاء حاليا وعددها 30 دولة. وقالت الولايات المتحدة اليوم الثلاثاء إنها واثقة من قدرة السويد وفنلندا على معالجة المخاوف التركية.
ويقول محللون إن إعلان أردوغان يهدف أيضا لتعزيز دعم القوميين الأتراك لحكمه المستمر منذ عقدين مع استعداده لانتخابات صعبة العام المقبل. وأدت علميات عسكرية عبر الحدود من قبل إلى تعزيز شعبيته في استطلاعات الرأي. ونفذت تركيا ثلاث عمليات توغل في شمال سوريا منذ 2016 وسيطرت على مئات الكيلومترات من الأرض وتقدمت لنحو 30 كيلومترا في عمق سوريا في عمليات استهدفت بالأساس وحدات حماية الشعب الكردية السورية المدعومة من الولايات المتحدة. كما كثفت عملياتها العسكرية ضد حزب العمال الكردستاني في شمال العراق في السنوات الماضية.
وتعتبر تركيا وحدات حماية الشعب وحزب العمال الكردستاني كيانا إرهابيا واحدا. لكن حلفاءها في حلف شمال الأطلسي يعتبرون أن حزب العمال الكردستاني فقط هو الإرهابي وليس وحدات حماية الشعب. وتقول آسلي أيدينتاسباس وهي ز ميلة في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية وتقيم في إسطنبول، إن خطوة أردوغان غرضها اختبار حلفاء بلاده في حلف شمال الأطلسي. وأضافت “أسلوب الرئيس أردوغان في مواجهة التحديات الدولية هو تصعيد الموقف.. وغالبا ما ينجح الأمر في في دفع الحلفاء في الناتو إلى التراجع”. وتابعت قائلة “نجح ذلك في شرق المتوسط وفي سوريا من قبل، فلم لا يحاول ثانية”.
وقال أردوغان إن العمليات لمواجهة التهديدات عبر الحدود ستبدأ بمجرد أن تستكمل القوات المسلحة التركية والمخابرات استعداداتها، على أن يتم اتخاذ القرارات في اجتماع لمجلس الأمن الوطني يوم الخميس. وحدات حماية الشعب مكون أساسي لقوات سوريا الديمقراطية، وهو تحالف يقوده أكراد واعتمدت عليه الولايات المتحدة بشكل كبير في القتال ضد تنظيم الدولة الإسلامية منذ 2014. وتعليقا على إعلان أردوغان، اتهمت قوات سوريا الديمقراطية تركيا بمحاولة زعزعة استقرار المنطقة من خلال التهديد بعمل عسكري في شمال سوريا. وأضافت قوات سوريا الديمقراطية أنها أسقطت طائرة مسيرة تركية يوم الأحد قالت إن أنقرة استخدمتها للاستطلاع على المناطق الخاضعة لسيطرتها قبل قصف مزمع.
وقال جوان ملا إبراهيم المتحدث باسم إدارة الحكم الذاتي لقوات سوريا الديمقراطية في شمال شرق سوريا “في حالة أي هجوم، سنقاوم بالطبع ونقاتل. ا لمجتمع الدولي يواجه الآن اختبارا مهما: هل سيكبح بفاعلية جماح تركيا؟”. وقال أردوغان إن العملية العسكرية المخطط لها ستكشف أي الدول التي تراعي المخاوف الأمنية لتركيا وأيها التي لا تعير ذلك اهتماما وهي قضية في محور الخلاف الحالي المتعلق بتوسيع حلف شمال الأطلسي. وتقول دارين خليفة المحللة المتخصصة في الشأن السوري في مجموعة الأزمات الدولية إن تحرك الجيش التركي ضد وحدات حماية الشعب كان دائما احتمالا قائما على الرغم من الهدوء النسبي على امتداد الحدود التركية مع مناطق تخضع لسيطرة الوحد ات في شمال سوريا منذ 2019. وتابعت قائلة إنه في حين تمكن الوسطاء، ومنهم الولايات المتحدة، من تهدئة التوتر في السنوات القليلة الماضية فإنه “لم يتم التعامل مع صلب الموضوع ألا وهو العلاقات التركية مع حزب العمال الكردستاني”.
* اقتراب الانتخابات
يقول محللون إن أردوغان يأمل في استغلال قضية عضوية السويد وفنلندا في حلف شمال الأطلسي كفرصة لتحقيق هدف لديه منذ فترة طويلة لتأسيس منطقة عازلة خالية من المقاتلين الأكراد على طول الحدود التركية مع سوريا. وتأتي خطوته في وقت تظهر فيه استطلاعات الرأي تراجع التأييد لأردوغان وحزبه الحاكم، حزب العدالة والتنمية، وسط مشكلات اقتصادية محتدمة. وتجري تركيا انتخابات رئاسية وبرلمانية في 2023.
وقالت أيدينتاسباس إن تركيا نفذت من قبل عمليات عبر الحدود قبل الانتخابات، لكن تنفيذ توغل عسكري واسع النطاق له مخاطره أيضا. فبالإضافة إلى وجود وحدات حماية الشعب، تنشر روسيا قوات في المنطقة دعما للرئيس السوري بشار الأسد. وتوجد أيضا قوات أمريكية، وجماعات مسلحة تدعمها تركيا، وأخرى تدعمها إيران، ومتشددون، وقوات الحكومة السورية في أنحاء شمال سوريا.