قال الباحث في مركز تحليل السياسات محمود علوش إن التداعيات الاقتصادية للحرب الروسية الأوكرانية تضغط بشدة على الدول الغربية لتخفيف حدة التصعيد مع موسكو.
أبلغ الروسي فلاديمير بوتين أبلغ نظيره التركي رجب طيبب أردوغان بأن روسيا مستعدة لتسهيل العبور البحري غير المقيد لصادرات الحبوب من الموانئ الأوكرانية بالتنسيق مع تركيا. ويصل نصيب روسيا وأوكرانيا معا من صادرات القمح العالمية إلى 29 بالمئة، أغلبها عبر البحر الأسود، ومن صادرات زيت دوار الشمس العالمية 80 بالمئة. كما أن أوكرانيا مُصدّر كبير للذرة. وأكد بوتين مجددا أن روسيا قد تصدر كميات كبيرة من الأسمدة والمواد الغذائية في حالة رفع العقوبات المفروضة عليها. وأضاف الكرملين “خلال مناقشة الوضع في أوكرانيا، تم التأكيد على ضمان الملاحة الآمنة في البحر الأسود وبحر آزوف والقضاء على التهديد من الألغام في مياههما”.
قال علوش في مقابلة مع تلفزيون روسيا اليوم إن التداعيات الاقتصادية للحرب على الاقتصادات الغربية إن على مستوى إمدادات الطاقة أو على مستوى الأمن الغذائي العالمي تقيد من قدرة الغرب في استراتيجية احتواء موسكو. وتسبب غزو روسيا لأوكرانيا في 24 فبراير شباط في اضطرابات في سوق الحبوب مما دفع العقود الآجلة للقمح في بورصة شيكاجو إلى الوصول لمستويات ارتفاع قياسية في مارس آذار وسط مخاوف بشأن الإمدادات. وتتوقع موسكو محصولا قياسيا هذا العام وشحن الصادرات من موانئ روسيا المفتوحة على البحر الأسود بينما تظل الموانئ الأوكرانية تحت حصار البحرية الروسية.
على صعيد آخر، قال علوش إن الخلافات التركية الغربية بشأن خطط توسيع حلف شمال الأطلسي واعتزام أنقرة شن عملية عسكرية جديدة ضد وحدات حماية الشعب الكردية في شمال سوريا قد تعيد مساعي إصلاح العلاقات بين أنقرة والغرب إلى نقطة الصفر.
وأضاف علوش أن الدور الذي يُمكن أن تقوم به تركيا في الوقت الراهن هو إحداث خرق في جمود مساعي التسوية السياسية التي تقوم بها بين روسيا وأوكرانيا. يشير علوش إلى وجود جمود في مساعي الوساطة التركية بين موسكو وكييف منذ فترة بفعل التصعيد العسكري على الأرض وعوامل مرتبطة بطبيعة التصعيد الروسي الغربي وتسعى أنقرة مجددا إلى تحريك هذه الوساطة من جديد. لكن الباحث في مركز تحليل السياسات يقول للتلفزيون الروسي الناطق بالعربية إنه لا يزال يعتقد أن الظروف الراهنة لا تساعد تركيا على نحو كبير في إحداث خرق كبير في عملية الوساطة.
يقول علوش: يدرك أردوغان بطبيعة الحال هذه الصعوبات والتعقيدات، لكن لا يزال حريصا على إظهار دور تركيا كطرف وسيط في هذا الصراع لأسباب عديدة.
ـ أولا: استمرار الجمود في مساعي الوساطة سيضعف موقف أنقرة بالنسبة للغرب لأنها تقدم نفسها على أنها وسيط محتمل يدفع باتجاه التسوية السياسية.
ـ ثانيا، مؤخرا، كما تعلمون، برزت أزمة بين أنقرة والغرب بسبب خطط ضم فنلندا والسويد إلى حلف الناتو وتركيا تريد التأكيد على أن معارضتها لتوسع الناتو با يتعلق بطبيعة شراكتها مع روسيا وبأن موقفها من المسألة الأوكرانية لم يتغير.
ـ ثالثا، في الآونة الأخيرة برزت قضية سوريا على الأجندة التركية. وكما تعلمون روسيا هي فاعل رئيسي في هذه المسألة وتسعى تركيا إلى ضمان الحصول على موافقة روسيا من أجل المضي في خططها لتقليص نفوذ الوحدات الكردية في شمال سوريا.